Top Ad unit 728 × 90

الباذنجانة والمرأة

فى مذكرات الشيخ على الطنطاوى .. يحكى فيها عن قصة ..

الباذنجانة والمرأة :

فى دمشق مسجد كبير إسمه جامع التوبة .. وهو جامع مبارك فيه أنس وجمال .. وسُمىَ بجامع التوبة لأنه كان خاناً تُرتكب فيه أنواع المعاصى .. فإشتراه أحد الملوك فى القرن السابع الهجرى .. وهدمه وبناه مسجداً ..
وكان فيه منذ نحو سبعين سنة شيخ عالِم إسمه الشيخ سليم السيوطى .. وكان أهل الحى يثقون به ويرجعون إليه فى أمور دينهم وأمور دنياهم .. وكان له تلميذ مَضرب المثل فى فقره وفى إبائه وعزة نفسه .. وكان يسكن فى غرفة المسجد ..
وقد مرّ على التلميذ يومان دون أن يأكل فيهما شيئاً ، وليس عنده ما يُطعمه ولا ما يشترى به طعاماً ، فلما جاء عليه اليوم الثالث أحس كأنه مُشرف على الموت ، وفكَّر ماذا يصنع ، فرأى أنه بلغ حدّ الإضطرار الذى يجوز له أكل الميتة أو السرقة بمقدار الحاجة ، وآثر أن يسرق ما يُقيم صلبه ..
ويقول الشيخ الطنطاوى أن هذه القصة واقعية يعرف أشخاصها ويعرف تفاصيلها ويروى ماذا فعل الرجل ، وأنه لا يحكم بفعله أنه خير أو شر أو أنه جائز أو ممنوع ..
ويستكمل قصته بأن المسجد كان ف حىّ من الأحياء القديمة ، والبيوت فيها متلاصقة والأسطح متصلة ، ويستطيع المرء أن ينتقل من أول الحى إلى آخره مشياً على الأسطح .. فصعد التلميذ إلى سطح المسجد وإنتقل منه إلى الدار التى تليه ، فلمّح بها نساء فغض من بصره وإبتعد ، ونظر فرأى إلى جانبها داراً خالية وشمّ رائحة الطبخ تصدر منها ، فأحس من جوعه لما شمّها كأنها مغناطيس تجذبه إليها ، وكانت الدور من طبقة واحدة ، فقفز قفزتين من السطح إلى الشرفة ، فصار فى الدار ، وأسرع إلى المطبخ ، فكشف غطاء القدر ، فرأى بها باذنجاناً محشواً ، فأخذ واحدة ، ولم يُبال من شدة الجوع بسخونتها ، عضّ منها عضّة ، فما كاد يبتلعها حتى إربد إليه عقله ودينه ، وقال لنفسه : أعوذ بالله ، أنا طالب عِلم مُقيم فى المسجد ، ثم أقتحم المنازل وأسرق ما فيها ؟
وكبر عليه ما فعل ، وندم واستغفر ورد الباذنجانة ، وعاد من حيث جاء ، فنزل إلى المسجد ، وقعد فى حلقة الشيخ وهو لا يكاد من شدة الجوع يفهم ما يسمع ..
فلما أنقضى الدرس وأنصرف الناس ، جاءت امرأة مستترة ، ولم يكن فى تلك الأيام إمرأة غير مستترة ، فكلّمت الشيخ بكلام لم يسمعه فتلّفت الشيخ حوله فلم ير غيره ، فدعاه وقال له : هل أنت متزوج ؟ قال : لا، قال : هل تريد الزواج ؟ فسكت ، فقال له الشيخ : قل هل تريد الزواج ؟ قال : يا سيدي ما عندي ثمن رغيف والله فلماذا أتزوج ؟
قال الشيخ : إن هذه المرأة خبرتنى أن زوجها تُوفى وأنها غريبة عن هذا البلد ، ليس لها فيه ولا فى الدنيا إلا عم عجوز فقير ، وقد جاءت به معها - وأشار إليه قاعداً فى ركن الحلقة - وقد ورثت دار زوجها ومعاشه ، وهى تحب أن تجد رجلاً يتزوجها على سُنة الله ورسوله لئَلا تبقى منفردة ، فيطمع فيها الأشرار وأولاد الحرام ، فهل تريد أن تتزوج بها ؟ قال : نعم ..
وسألها الشيخ : هل تقبلين به زوجاً ؟ قالت : نعم ..
فدعا بعمِها ودعا بشاهدين ، وعقد العقد ، ودفع المهر عن التلميذ ، وقال له : خذ بيدها ، أو أخذت بيده ، فقادته إلى بيتها ..
فلما دخلته كشفت عن وجهها ، فرأى شباباً وجمالاً ، ورأى البيت هو البيت الذى نزله ، وسألته : هل تأكل ؟ قال: نعم ، فكشفت غطاء القدر ، فرأت الباذنجانة ، فقالت : عجباً من دخل الدار فعضّها ؟
فبكى الرجل وقصَّ عليها الخبر ، فقالت له : هذه ثمرة الأمانة ، عففت عن الباذنجانة الحرام ، فأعطاك الله الدار كلها وصاحبتها بالحلال !!!
الإضاءة والعبرة من وراء القصة :
"
أن من ترك شيئاً لله عوَّضه الله خير منه "
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك .. واغننا بفضلك عمّن سواك .. وارزقنا من حيث لا نحتسب ..
اللهم آمين يارب العالمين







khemis-el-khechna-boumerdes-fondouk-خميس-الخشنة-بومرداس-فوندوك-باذنجانة-باذنجان

الباذنجانة والمرأة Reviewed by KhemisElKhechna on 3/21/2018 11:00:00 م Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.